![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1 | |||||||||||||
![]() ![]()
|
أوى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد صلاة العشاء إلى مضجعه فقد كان يريد أن يصيب حظاً من الراحة ليستعين به على العس ( العس أي الطواف بالليل للحراسة ) في الليل لكن النوم نفر عن عيني الخليفة لأن البريد حمل إليه أن جيوش الفرس المنهزمة أمام المسلمين كانت كلما أوشك جنده على أن يجهزوا عليها ( يقضوا عليها ) يأتيها المدد من هنا وهناك فلا تلبث أن تستعيد قوتها وتستأنف القتال وقيل له إن مدينة الأبلة ( مدينة في جوار البصرة ألحقت بها وغدت جزءاً منها ) تعد من أهم المصادر التي تمد جيوش الفرس المنهزمة بالمال والرجال فعزم على أن يرسل جيشاً لفتح الأبلة وقطع إمداداتها عن الفرس لكنه اصطدم بقلة الرجال عنده ذلك لأن شبان المسلمين وكهولهم وشيوخهم قد خرجوا يضربون في فجاج الأرض( يمشون في سبل الأرض غزاة في سبيل الأرض ) غزاة في سبيل الله حتى لم يبق لديه في المدينة إلا النزر ( القليل الضئيل ) فعمد إلى طريقته التي عرف بها وهي التعويض عن قلة الجند بقوة القائد فنثر كنانة ( جعبة السهام ) رجاله بين يديه وأخذ يعجم ( يختبر ) شبههم بالسهام عيدانهم واحداً بعد آخر فما لبث أن هتف: وجدته نعم وجدته ثم مضى إلى فراشه وهو يقول: إنه مجاهدٌ عرفته بدرٌ وأحد والخندق وأخواتها وشهدت لها اليمامة ومواقفها فما نبا له سيفٌ ( لم يصب ) ولا أخطأت له رمية ثم إنه هاجر الهجرتين ( الهجرة إلى بلاد الحبشة والهجرة إلى المدينة ) وكان سابع سبعةٍ أسلموا على ظهر الأرض ولما أصبح الصبح قال: ادعوا لي عتبة بـن غزوان وعقد له الراية على ثلاثمائةٍ وبضعة ( البضع من الثلاثة إلى التسعة ) عشر رجلاً ووعده بأن يمده تباعاً بما يتوافـر له من الرجال ولما عزم الجيش الصغير على الرحيل وقف الفاروق يودع قائده عتبة ويوصيه فقال له: يا عتبة إني قد وجهتك إلى أرض الأبلة وهي حصـنٌ من حصون الأعداء فأرجو الله أن يعينك عليها فإذا نزلت بها فادع قومها إلى الله فمن أجابك فاقبل منه ومن أبى فخذ منه الجزية ( ما يأخذه الحاكم من الذمي من المال ) عن صغارٍ وذلة وإلا فضع في رقابهم السيف ( حاربهم واقتلهم ) في غيـر هوادةٍ واتق الله يا عتبة فيما وليت عليه وإياك إن تنازعك نفسك ( تدعوك نفسك ) إلى كبرٍ يفسد عليك آخرتك واعلم أنك صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعــزك الله به بعد الذلة وقواك به بعد الضعف حتى صرت أميراً مسلطاً وقائداً مطاعاً تقول فيسمع منك وتأمر فيطاع أمرك فيا لها من نعمةٍ إذا هي لم تبطرك ( البطر سوء التصرف ) وتخدعك وتهوي بك إلى جهنم أعاذك الله وأعاذني منها مضى عتبة بـن غـزوان برجاله ومعه زوجته وخمس نسوة أخريات من زوجات الجند وأخواتهم حتى نزلوا في أرضٍ قصباء ( نبات مائي مجوف ) لا تبعد كثيراً عن مدينة الأبلة ولم يكن معهم شيءٌ يأكلونه فلما اشتد عليهم الجوع قال عتبة لنفرٍ منهم التمسوا ( ابحثوا واطلبوا ) لنا في هذه الأرض شيئاً نأكله فقاموا يبحثون عما يسد جوعتهم فكانت لهم مع الطعام قصة رواها أحدهم فقال بينما كنا نبحث عن شيءٍ نأكله دخلنا أجمة ( الشجر الكثير الملتف ) فإذا فيها زنبيلان ( القفة ) في أحدهما تمر وفي الآخر حبٌ أبيض مغطى بقشرٍ أصفر فجذبناهما حتى أدنيناهما من العسكر فنظر أحدنا إلى الزنبيل الذي فيه الحب وقال: هذا سم أعده لكم العدو فلا تقربنه فملنا إلى التمر وجعلنا نأكل منه وفيما نحن كذلك إذ بفرسٍ قد قطع قياده ( قطع رسنه ) وأقبل على زنبيل الحب وجعل يأكل منه فوالله لقد هممنا بأن نذبحه قبل أن يموت لننتفع بلحمه فقام إلينا صاحبه وقال: دعوه وسأحرسه الليلة فإن أحسست بموته ذبحته فلما أصبحنا وجدنا الفرس معافى لا ضرر فيه فقالت أختي: يا أخي إني سمعت أبي يقول: إن السم لا يضر إذا وضع على النار وأنضج ثم أخذت شيئاً من الحب ووضعته في القدر وأوقدت تحته ثم ما لبث أن قالت: تعالوا انظروا كيف احمر لونه ثم جعل يتشقق عنه قشره وتخرج منه حبوبه البيض فألقيناه في الجفنة ( القصعة الكبيرة ) لنأكله فقال لنا عتبة: اذكروا اسم الله عليه وكلوه فأكلنا فإذا هو غاية في الطيب ثم عرفنا بعد ذلك أن اسمه الأرز كانت الأبلة التي اتجه إليها عتبة بن غزوان بجيشه الصغير مدينة حصينة قائمة على شاطئ دجلة ( نهر ينبع من تركيا يجري في العراق ويصب في شط العرب ) وكان الفرس قد اتخذوها مخازن لأسلحتهم وجعلوا من أبراج حصونها مراصد ( جمع مرصد وهو مكان رصد العدو ومراقبته ) لمراقبة أعدائهم لكن ذلك لم يمنع عتبة من غزوها على الرغم من قلة رجاله وضالة سلاحه إذ لم يجتمع له من الرجال غير ستمائة مقاتلٍ تصحبهم طائفة قليلة من النساء ولم يكن عنده من السلاح غير السيوف والرماح فكان لا بد له من أن يستعمل ذكاءه أعد عتبة للنسوة رايات رفعها على أعواد الرماح وأمرهن أن يمشين بها خلف الجيش وقال لهن: إذا نحن اقتربنا من المدينة فأثرن التراب وراءنا حتى تملأن به الجو فلما دنوا من الأبـلة خرج إليهم جند الفرس فرأوا إقدامهم عليهم ونظروا إلى الرايات التي تخفق ورائهم ووجدوا الغبار يملأ الجو خلفهم فقال بعضهم لبعض إنهم طليعة العسكر ( مقدمة العسكر ) وإن وراءهم جيشاً جراراً ( الجيش الكثيف العدد والعدد ) يثير الغبار ونحن قلة ثم دب في قلوبهم الذعر وسيطر عليهم الجزع فطفقوا يحملون ما خف وزنه وغلا ثمنه ويتسابقون إلى ركوب السفن الراسية في دجلة ويولون الأدبار ( ينهزمون ) فدخل عتبة الأبلة دون أن يفقد أحداً من رجاله ثم فتح ما حولها من المدن والقرى وغنم من ذلك غنائم عـزت على الحصر ( تعذر إحصاؤها ) وفاقت كل تقدير حتى إن أحد رجاله عاد إلى المدينة فسأله الناس كيف المسلمون في الأبلة؟ فقال: عم تتساءلون؟! والله لقد تركتهم وهم يكتالون الذهب والفضة اكتيالاً فأخذ الناس يشدون إلى الأبلة الرحال ( يسافرون إليها ) عند ذلك رأى عتبة بن غزوان أن إقامة جنوده في المدن المفتوحة سوف تعودهم على لين العيش وتخلقهم بأخلاق أهل تلك البلاد وتفل ( تضعف من قوة عزائمهم ) من حدة عزائمهم على مواصلة القتال فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في بناء البصرة ( مدينة في العراق على شط العرب ) ووصف له المكان الذي اختاره لها فأذن له اختط عتبة المدينة الجديدة ( خططها ) وكان أول ما بناه مسجدها العظيم ولا عجب فمن أجل المسجد خـرج هو وأصحابه غزاة في سبيل الله وبالمسجد انتصر هو وأصحابه على أعداء الله ثم تسابق الجند على اقتطاع الأرض ( أخذها وامتلاكها ) وبناء البيوت لكن عتبة لم يبـن لنفسه بيتاً وإنما ظل يسكن خيمة من الأكسية ذلك لأنه كان قد أسر في نفسه أمراً فلقد رأى عتبة أن الدنيا أقبلت على المسلمين في الـبصرة إقبالاً يذهل المرء عن نفسه وأن رجاله الذين كانوا منذ قليل لا يعرفون طعاماً أطيب من الأرز المسلوق بقشره قد تذوقوا ماكل الفرس من الفالوذج ( صنف من الحلوى يصنع من الدقيق والسمن والعسل ) واللوزينج ( صنف من الحلوى يشبه القطايف يحشى باللوز ) وغيرهما واستطابوها فخشي على دينه من دنياه وأشفق على الآجلة من العاجلة ( هي الآخرة والعاجلة الدنيا ) فجمع الناس في مسجد الكوفة وخطبهم فقال: أيها الناس إن الدنيا قد آذنت ( أعلنت عن أنها توشك أن تنتهي ) بالانقضاء وأنتم منتقلون عنها إلى دارٍ لا زوال فيها فانتقلوا إليها بخير أعمالكم ولقد رأيتني سابع سبعةٍ ( رأيت نفسي بين المسلمين ولم يكن قد أسلم أحد غيرنا ) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام غير ورق الشجر حتى قرحت منه أشداقنا ( تقرحت منه شفاهنا ) ولقد التقطت بردة ( أخذتها من الأرض ) ذات يومٍ فشققتها بيني وبين سعد ابن أبي وقاصٍ فاتزرت بنصفها ( جعلت نصفها إزاراً لي ) واتزر سعد بنصفها الآخر فإذا نحن اليوم لم يبق منا واحد إلا وهو أميرٌ على مصرٍ مـن الأمصار وإني أعوذ بالله أن أكون عظيماً عند نفسي صغيراً عند الله ثم استخلف عليهم رجلاً منهم وودعهم ومضى إلى المدينة فلما قدم على الفاروق استعفاه من الولاية ( طلب منه أن يعفيه منها ويعزله عنها ) فلم يعفه فألح عليه فأصر عليه الخليفة وأمره بالعودة إلى البصرة فأذعن لأمر عمر ( خضع له واستجاب ) كارهاً وركب ناقته وهو يقول: اللهم لا تردني إليها اللهم لا تردني إليها فاستجاب الله دعاءه إذ لم يبعد عم المدينة كثيراً حتى عثرت ناقته فخر عنها صريعاً وفارق الحياة رضي الله عنه وأرضاه المصدر: منتدى الخليج
|
||||||||||||
#2 | ||||||||||||
![]() ![]()
|
يسعدك ربي
|
|||||||||||
#3 | |||||||||||||
![]() ![]()
|
ويعطيك العافيه
|
||||||||||||
#4 | |||||||||||||
![]() ![]()
|
شكرآ ع المعلومات ويعطيج الف عافية
|
||||||||||||
#5 | ||||||||||||
![]()
|
على وضعك هذه القصة وجزاك الله خير الجزاء ويعطيك ألف عافية
|
|||||||||||
#6 | |||||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]()
|
تسلمين الوتر الحساس على الطرح الجميل والمميز
|
||||||||||||
#7 | ||||||||||||
![]() ![]()
|
|
|||||||||||
![]() |
|
|