كان رئيس وزراء بريطانيا هنري بالمرستون - الذي ولد في عام 1784 وتوفي في 1865
يسير يومًا في أحد شوارع مدينة لندن، عندما شاهد أحد اللوردات الإنجليز يترجّل عن جواده
ثم يتجه إلى كنّاس بسيط, يبذل جهده في رفع القاذورات من الشارع، وينهال عليه ضرباً !
سرى الغضب في رئيس الوزراء؛ فصرخ في سائق سيارته أن يتوقف، ليترجل مباشرةً إلى حيث يقف اللورد المتعجرف
وسأله: لماذا تضرب الكنّاس؟
فقال اللورد بكبرياء: لأنه وضع عربته القذره في طريق جوادي !
وأراد بالمرستون أن يلقّن هذا اللورد درسًا في احترام قيمة العمل أيًّا كان؛ فقال له:
' ألم يخطر ببالك أن هذه العربه الصغيره أنقذتك أنت وكل أفراد أسرتك من القاذورات التي كان يمكن أن تتجمع وتؤدي إلى انتشار أخطر أنواع الأوبئه'.
وحتى يعيد للكناس البسيط كرامته طلب من اللورد أن يعتذر له حالًا؛
لكن اللورد رفض بإباء وشمم وهنا صاح رئيس الوزراء مهددًا:
إذا لم تعتذر فسوف أطلب تقديمك للمحاكمه بتهمة الاعتداء على موظف رسمي أثناء تأديته عمله, وأمرت بإعفاء كل الكنّاسين من جمع القاذورات من أمام بيتك.
وأمام إصرار وجدّية رئيس الوزراء لم يجد اللورد مفراًّ من تقديم الاعتذار.
لقد أدرك السياسي الإنجليزي العظيم قيمة العمل مهما كان بسيطًا؛ فحثّ على احترام صاحبه..
فلو تعاملنا باحتقار وازدراء مع الأعمال المتواضعه لتوقّف المجتمع.
تُعلّق كتب التاريخ البريطانيه على موقف بالمرستون بقولها:
'وكانت هذه أول سابقه من نوعها في تاريخ بريطانيا'؛
لكن ذلك الأمر عرفه التراث الإسلامي قبل ذلك بقرون طويله؛
فحينما يلتقي النبي ' صلى الله عليه وسلم '
يومًا مع واحد من أصحابه، ولا يكاد يصافحه حتى يجد في كفه خشونه غير مألوفه؛
فيسأله النبي: ما بال كفيك قد أمجلتا ؟
أي: أصابتهما الخشونه .. فيجيبه الصحابي:
من أثر العمل يا رسول الله.
ويسعد النبي بجهد أصحابه، فيرفع كفيه على الملأ من الحضور، ثم يقلّبهما ويلوّح بهما كأنهما رايةً للنصر، ويقول مُباهيًا:
'كفان يحبهما الله ورسوله'.
ورفع الحبيب من قيمة العمل، مهما كان بسيطاً، حينما قال:
'من أمسى كالاًّ من عمل يده، أمسى مغفورًا له'.
ولم يكن ذلك غريباً على الإسلام الذي احترم كل الأعمال؛ فهذا نبي الله داود يعمل حداداً, ونبي الله زكريا نجارًا، وموسى عليه السلام راعي أغنام ..
فلا تخجل من عملك مهما كان بسيطاً