فلقد أكرمنا الله تعالى إذ أنعم علينا بنعمة عظيمة : ألا وهي نعمة عبادته وحده لا شريك له ، والتمسك بسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فجمعنا الله تعالى بكم حول ( الكتاب والسنة ) ، وجعلنا معكم - بعون منه وحده - من ( أهل الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ) الموحدة لعظمته وجلاله ،
والشاكرة له ولنعمه التي لا تعد ولا تحصى من عيش رغد وعافية ، وعقول سنية صافية . قال الله تعالى : وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا .
سورة إبراهيم ، ( الآية : 34 ) . ولقد تميز ( العرب ) - بكرمه وعطائه وفضله - أن بعث ( فيهم ومنهم ) خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله - صلوات ربي وسلامه عليه - ، وجعل كتابه الذكر الحكيم هو حبله المؤدي إلى صراطه المستقيم ، فأنزله تكريمًا له - صلى الله عليه وسلم -: بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِين . سورة الشعراء ، ( الآية : 195 ) .
فكان المعجز في أسلوبه ونظمه ، وفي علومه وحكمه ، وفي تأثيره وهدايته . هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به ألسنة الضعفاء ، ولا يشبع منه العلماء ، لا تنقضي عجائبه ، لم تنته ( الجن ) إذ سمعته من فم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قالوا : إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا . سورة الجن ، ( الآيات : 1 ، 2 ) .
من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ، تحدى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العرب الفصحاء ، وحكى لهم عن الله تعالى القطع بعجزهم عن الإتيان بسورة من مثله ، فظهر عجزهم مع شدة حرص بلغائهم وشعرائهم على ابطال دعوته ، ثم نقل صحابته - رضوان الله تعالى عليهم - تحدي نبيهم - صلوات ربي وسلامه عليه - إلى جميع القبائل والأمم ، فظهر عجزهم الشنيع في ذلك ، ولعل ما قام به ( الامامية السبئية ) من محاولات التحريف والزيادة فيه
- ليوافق دينهم الوضيع - أكبر مثال لخذلان الله تعالى لهم ، ولمن يتطاول على كلامه .
قال الله تعالى : قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا . سورة الإسراء ، ( الآية : 88 ) .
وقد تكفل المولى - عز وجل ، وهو الذي لا يخلف الميعاد -
بحفظ كلامه ، فقال تبارك وتعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ . سورة الحجر ، ( الآية : 9 ) . وقال سبحانه وتعالى : وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ.لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ . سورة فصلت ، ( الآيات : 41 ، 42 ) .
وقال عز من قائل : إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ . سورة القيامة ، ( الآيات 17 إلى 19 ) .
وقد أجمع ( أهل الإسلام ) على أن ( لغة العرب ) محفوظة بحفظ كلام الله تعالى ، فكانت ( وعاء الشريعة ) ، ولا يمكن لـ ( طالب العلم ) أن يستوعب العلوم الشرعية ويفهمها الفهم الصحيح إلا إذا كان له حظ من علوم اللغة العربية .
والنحو كما قيل : له فائدتان لا غنى لـ ( طالب العلم ) عنهما : • الأولى : سلامة اللسان من الأخطاء في التحدث والقراءة والكتابة . • الثانية : الفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة وكلام سلف وخلف الأمة . فهي إذن نعمة عظيمة يتغافل عنها من ينطق بـ ( لغة الضاد ) خاصةً ونحن نرى حرص ( الأعاجم ) على تعلم العربية ، فمنهم : من يضحى بماله في سبيل تحسين ( القراءة ) و ( الكتابة ) و ( النطق ) ، ومنهم : من يهاجر من دياره ليتعلم في ( معاهد ) البلاد العربية وباكستان ، ولنا في مركز ( دماج ) أقرب مثال لذلك ! بينما نجد من أبناء ( العرب ) من ضيع ذريته في بلاد الكفر ، فأهمال لسان ( الصغار ) حتى ضاع أو تعجم ! ومنهم : من لا يتكلم مع أبنائه إلا بـ ( الأعجمية ) بل ويتفاخر بذلك بحجة التقدم والعلم ، فلما ضاع ( لسان ) الأبناء تبعه ضياع الدين والأخلاق ، فتنصر صنف وتشيع آخر ، فلم يظفر ( الأب المسكين ) لا بعلم ولا بلغة ولا بدين . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وإنه ليحز في قلب صاحب ( الضاد ) أن يرى هذا الكم الهائل من الأخطاء النحوية والاملائية التي يقع فيها كُتاب ( البحوث والمقالات ) - وقلمي على رأسهم - ، فمنا للأسف : من لا يفرق بين اللام القمرية أو اللام الشمسية ، ومنا : من لا يفرق بين الضاد والظاء ، أو بين همزة الوصل وهمزة القطع ، ومنا : من يرفع المنصوب ويفتح المجرور وينصب المرفوع إلى غير ذلك من الأخطاء التي لا تغتفر بحق ( لغة ) قد أكرمها المولى - عز وجل - إذ جعلها لغة أعظم وأشرف ( كلامه ) .
لذلك كتبت هذه النصيحة الأخوية فلنتوخى الدقة في ( الكتابة والإملاء ) لتظهر تلك ( الكتابات ) بتنسيق جميل وكتابة مميزة.
وقفة هامة : وهنا وقفة - أذكر بها قلمي وقلم غيري - ألا وهي الحرص على علامات الترقيم : وهي رموز وإشارات مخصوصة يستخدمها ( الكاتب )
في نهاية الجمل ، أو بين أجزائها لتقسيم الكلام وإيضاح معانيه ،
وعلامات الترقيم كثيرة ، ومنها :
• الفاصلة ( ، ) : توضع بعد النداء وبين أجزاء الجمل ، أو بين أقسام الشيء وأنواعه . • الفاصلة تحتها نقطة ( ؛ ) : توضع بين جملتين إحداهما سبب حدوث الأخرى. • النقطة ( . ) : توضع في نهاية الفقرة ، أو الجملة التامة المعنى . • النقطتان ( : ) : توضع قبل القول المنقول ، أو ما في معناه ، أو بعد الكلمات الدالة على التقسيم أو التمثيل . • علامة الحذف ( ... ) : توضع لدلالة على كلام محذوف من النص . • علامة الاستفهام ( ؟ ) : توضع بعد صيغة السؤال ، أو الاستفهام . • علامة التعجب ( ! ) : توضع بعد الكلمات ، أو الجمل ، أو المعنى المتعجب منه . • علامة الاقتباس ( " " ) : توضع كعلامة اقتباس لكلام منقول . • علامة الشرطة المعترضة ( - - ) : توضع قبل وبعد الجمل الاعتراضية . • علامة القوسان الحاصرتان ( [ ] ): توضع بين الكلام الزائد ، أو الذي ليس من النص . • علامة القوسان ( ( ) ) : يوضع بينهما أرقام الصفحات والتاريخ ، أو مرجع داخل النص . تنبيه هام :
وفي الختام أحببت أنه ( أنبه ) على بعض ( الكتاب )
ممن يكثر من ( النسخ واللصق ) دون قراءة وتأمل !
أن ينتبه جيدًا في نقله لرسم وتشكيل ( الآيات القرآنية
أو الأحاديث الصحيحة ) ،
فيطابق ( الآيات ) كما في ( القرآن ) وينتبه للسقط منها .
فلذا أهيب بقلمي قبل أن أهيب بقلمك :
أن يحرص على مشاهدة رسم الحروف والكلمات
وكثرة المطالعة والقراءات ،
لنتعلم كيفية التمييز بين الأحرف والهمزة
وترتيب الجمل وتنسيق الكلمات ،
وعندنا مناجم من ( الذهب ) لمن أراد أن يقوي ( قلمه )
و ( عقيدته ) من خلال مطالعة كتب ( العقيدة ) و ( المصطلح ) ،
والاستفادة ممن من الله تعالى عليهم بسلامة اللغة والنطق والكتابة .
والله تعالى وحده أعلى وأعلم ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .