ماذا سيحدث في العام القادم ليس في جدة وحدها

 

ماذا سيحدث في العام القادم ليس في جدة وحدها

ماذا سيحدث في العام القادم؟.. ليس في جدة وحدها..

تركي عبدالله السديري
«جدة»
المدينة التي عرفت بعروس البحر..
المجتمع المنفتح على الوجود الحضاري..
زمان.. قبل أن تتطور المدن.. كنا عندما نزور جدة ندخل في أجواء متغيرات ذوق لغة.. وحوار ثقافة وطرافة تغذية..
عندما يأتي الإهمال فيحاول أن يجعل عروس البحر عجوز بحر، فإن ما حدث يجب أن يوضع في ساحات المراجعة والبحث خصوصاً وأن الملك عبدالله من موقع استكمال علاجه أصر بتصريحاته الجادة والنزيهة والمليئة بمشاعر الأبوة على أن لا يمر أي قصور فيختفي تحت مظلة الإهمال..
ليس الأمر هو معرفة أسباب ما حدث في جدة.. فهي معروفة.. وليس الأمر تعليق نتائج الكوارث بأن حجم الأمطار كان مفاجئاً.. ففي العام الماضي فوجئنا بهذا الحجم وبذات العام كانت هناك تعليمات تصحيح للأخطاء وميزانية بذخ لإعادة تصويب ما هو قائم من سلبيات..
لم يحدث أي شيء..
المسألة لا تتعلق بأمير منطقة، فأنا أعرف أن سمو الأمير خالد الفيصل هو من أنزه قيادات العمل بل يكاد ينفرد بكونه المسؤول الذي قاد تطوير مرافق بدايات إلى ذروة نجاحات.. مثلما بدأ برعاية الشباب فطورها من مكتب عمل صغير إلى شبه وزارة بملاعب حديثة وممارسة منافسات عربية دولية ثم في أبها.. وهناك قاد مهمات تحديث ليست بالسهلة ولا بالمحدودة حيث نشر التطوير في كل أرجاء المنطقة.. أخيراً جدة.. ولعل مدينتنا الرائعة محظوظة بذلك، حيث إن تجربة العام الماضي توضح عينات ومسارات فشل تجربة هذا العام..
الأمر يتعلق باتجاهين.. الأول أن بعضاً من مشاريع الدولة الكبرى تحاط بلغط يتعلق بالمستفيدين من وسائل تنفيذها.. يدخل في ذلك اتهام رجال أعمال معينين بأنهم حين يعطون مبالغ كبيرة للمسارعة في التنفيذ.. لا يتم ذلك فتتشعب الاستفادات خصوصاً أنه لا وجود لهم في أي مساهمات مع الدولة لتطوير مواقع التأخر.. هم مستفيد ومنفذ فقط.
يأتي بيت أبي الطيب المتنبي الذي يقودنا إلى الاتجاه الثاني حين يقول:
ولم أر في عيوب الناس عيبا
كعجز القادرين على التمام..
وهو أنه إضافة إلى العنصر السابق وهو بروز الاستفادة على حساب نوعية الأداء نجد أن البيروقراطية الحكومية في أجهزة التنفيذ وبمختلف نوعيات إدارات الأداء الإداري تجعل أي مشروع يحتاج إلى مجرد شهرين حتى يتم إنجازه يتمدد إلى عامين أو أكثر لإنجاز نصف المهمة والباقي يقفل بعبارة «الله أعلم»..
بين يدي تجربة مضحكة.. متبرع بأرض، بناها وأثثها لتوجد بها إدارة حكومية هناك لضرورة تواجدها، لكن بعد أن تم البناء والتأثيث تبرعاً من صاحب الأرض، بما في التبرع ثمن الأرض.. قالوا: لا.. الدولة لا تقبل أن يدفع مواطن التكاليف.. حسناً.. التكلفة مع قيمة الأرض «٩٠٠ متر» ستمئة ألف ريال تقريباً.. قالوا: لا، هي دون «٤٠٠» ألف.. لا بأس.. قال: لم أطلب الثمن فادفعوا ما تريدون.. دفعوا دون «٤٠٠» ألف.. ليس هذا هو المهم.. المهم هو إنهاء معاملة تسديد، الطرفان متفقان عليها، لكن روتين الأداء في الإدارات الحكومية الممل جداً والبطيء جداً جعل مدة التنفيذ تتجاوز العام.. مع ملاحظة أن المبلغ «٤٠٠» ألف ريال وليس أربعة مليارات في مشروع كبير يغطيه مقاول عام ويتفرع منه مقاولون بنسب مختلفة..
إن الأداء الحكومي بطيء.. بطيء.. بطيء بشكل مقلق وما لم تتوفر متابعة عقوبات فإن أمطار العام القادم سوف تكون نتائجها أكثر سوءاً..
سؤال.. لماذا دول فقيرة ومليئة بالأمطار في شرق آسيا وأخرى غنية في كل أوروبا وكذا أمريكا الجنوبية مجهزة بكل أساليب الحماية بينما لدينا هنا عفوية بناء الأحياء ومجازفة استقرار السكان؟..

المصدر: منتدى الخليج