مقال :براءة النخلة

 

مقال :براءة النخلة

براءة النخلة

تركي عبدالله السديري
الأستاذ عبدالله أبوالسمح الفاضل في علاقاته ومقالاته لا أدري لماذا هو يخص «النخلة» بشيء من العتاب وشيء من إظهارها على أنها تستهلك مادياً أكثر مما هي تنتج فيما يتعلق بالمياه..
الحقيقة التاريخية أنه لولا النخلة على مدى أكثر من خمسمئة عام لتجاوز عرب الجزيرة كبح قسوة الجوع إلى التهام زواحف أكثر مما فعلوه بالضب وما يسمونه الصقنقور والجراد..
والحقيقة الراهنة أن التمور هي الرديف لأعلى إنتاج اقتصادي، مع الاعتراف بالفوارق الكبيرة، لكنها أي النخلة هي الأسهل رعاية واستهلاكاً، والأجزل إنتاجاً، ولو توفرت رعاية رسمية وإقليمية خاصة بإنتاجها فيما يخص مزارع القرية لا تاجر التصدير والمساحات الكبرى، لأمكن أن تُرصد ضمن أبرز مواجهات الفقر.. لا بأس أن يكون حضور اقتصادي جيد لممارسة مهمة تصديرها إلى الخارج ومنافسة دول هي الأقل نوعية وكثافة من المملكة مثل تونس إفريقياً وإسرائيل آسيوياً. لاسيما بعد تراجع العراق المشغول حالياً بتوالي عمليات القتل الجماعي..
الأستاذ الفاضل عبدالله أبوالسمح ركز وللمرة الثانية على تكلفة إنتاج النخلة وما ذكره ليس بالصحيح إذا ما قورن بالنباتات الأخرى، فالنخلة لا تحتاج للماء أكثر من مرتين في الأسبوع صيفاً، وربما مرة واحدة شتاءً، أو ما تحتاجه مساحة خمسين متراً في خمسين متراً مزروعة بالشعير مثلاً يكفي لري أكثر من ألف نخلة، وقس تبعاً لذلك الأعشاب الأخرى..
عندما اتسعت فرص الإنتاج الزراعي منذ ما يقارب عشرين عاماً وأدى ذلك الإنتاج إلى نضوب المياه لم تكن النخلة هي السبب، بل انها قد أهملت في ذلك الوقت، وأصبح إغراق المساحات الشاسعة بالمياه بحثاً عن إنتاج الشعير والقمح وغير ذلك، الأمر الذي جعلنا نفقد في الخرج ذلك الامتداد المائي الذي كان سكان الرياض يقضي شبابهم وبعض عائلاتهم إجازتهم الأسبوعية على رافدين حيث يمتد عند مدخل المدينة.. الشيء نفسه اختفت أيضاً بحيرات الخرج ولحقت بها بحيرات وادي الدواسر والقصيم التي كان ماؤها على بعد أقل من مئة متر تراجع إلى حدود خمسمئة متر.. وكانت النخلة بريئة من أسباب ذلك الإهدار المائي..
وقتها تناقل الناس معلومة مؤلمة، وهي أن إنتاج المساحات الهائلة من الأعشاب لم يكن كافياً لمن يبحثون عن إيرادات مادية عالية، فكانوا يشترونها من الخارج ويضعونها في ذمة الصوامع على أنها إنتاج محلي..
ومن الطرائف أنك عندما تعتلي الطائرة باتجاه الشمال نحو لبنان أو القاهرة فإنك تُذهل باتساع المساحات الخضراء على امتداد نظرك فتتخيل أنك تقطع مساحات أوروبية..

المصدر: منتدى الخليج