منذ /02-03-2015, 03:59 AM
#1
|
|
السؤال:
هل مقولة : أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا , لها أصل في الشرع ؟
وما حكم قولها ؟ |
الجواب :
الحمد لله
استعمال كلمة " أنا " على وجهها الأصلي ، في التعريف
بالشخص ، أو دلالة الإنسان على نفسه ، أو نحو ذلك : هو من
مقتضيات الخطاب ، وضرورات اللغة ، التي لا يكاد يستغني عنها
الناس في معايشهم ، وتحاورهم .
ومثل هذا لا يمكن أن يذم لذاته ، أو يرد الشرع بمنعه .
هذا لو لم يرد ما يدل على جوازه استعماله ، ووقوع ذلك من نبي
الله صلى الله عليه وسلم ، وخيار الصالحين من بعده .
فكيف ، وقد ورد استعمالها فيما لا يحصى من الأدلة والنصوص
الشرعية .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا )
رواه البخاري (20) ، وفي رواية : ( أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَعْلَمُكُمْ
بِحُدُودِ اللهِ ) رواه أحمد (23682) ، وصححه الألباني في
"الصحيحة" (329) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم (2278).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ) الكهف/22
قال: " أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ، كانوا سبعة
وثامنهم كلبهم " .
انتهى من "تفسير الطبري" (17/ 642) .
ثم قد يقترن بقولها من قصد القائل ، وحاله : ما يقتضي مدحه
على قوله أنا ؛ كما لو قالها في مقام التواضع والانكسار لله ،
والاعتراف بالذنب ، والفقر والحاجة إلى رب العالمين .
وفي حديث الاستفتاح : ( اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَنْتَ
رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي
ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ )
رواه مسلم (771) .
وعلى عكس ذلك : قد يقترن بقولها من قصد صاحبها ، وحاله :
ما يقتضي الذم على قوله ، والتأديب عليه ، والمنع منه ، في مثل ذلك المقام .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ " أَنَا "، " وَلِي "، " وَعِنْدِي "،
فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ ابْتُلِيَ بِهَا إِبْلِيسُ وفرعون، وقارون، (فَأَنَا
خَيْرٌ مِنْهُ) لِإِبْلِيسَ، وَ (لِي مُلْكُ مِصْرَ) لفرعون، وَ (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ
عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) لقارون.
وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ " أَنَا " فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا الْعَبْدُ الْمُذْنِبُ ،
الْمُخْطِئُ، الْمُسْتَغْفِرُ، الْمُعْتَرِفُ .
وَنَحْوِهِ : " لِي "، فِي قَوْلِهِ: لِيَ الذَّنْبُ ، وَلِيَ الْجُرْمُ ، وَلِيَ
الْمَسْكَنَةُ، وَلِيَ الْفَقْرُ ، وَالذُّلُّ .
و"َعِنْدِي " ، فِي قَوْلِهِ: " اغْفِرْ لِي جِدِّي ، وَهَزْلِي ، وَخَطَئِي ،
وَعَمْدِي ، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي " انتهى من "زاد المعاد" (2/ 434
-435) ، وينظر : "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله (150) .
والحاصل :
أن مجرد قول العبد " أنا " لا يشرع الاستعاذة بالله منه ، بل
تكلف ذلك ، كما في العبارة الواردة في السؤال ، في عموم
الأحوال : أشبه بتنطعات الطرقية والصوفية ، وتكلفاتهم ، ثم هو
خارج عن معتاد البشر ، ولا يمكن أن يتلزمه أحد في كل مقام .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (9229) ، (118095) .
والله تعالى أعلم .
المصدر/
موقع الإسلام سؤال وجواب
|

|
|
|