حكاية أخ و3 بنات..تخلى عنهم الجميع إلا الفقر والقهر والمرض

 

حكاية أخ و3 بنات..تخلى عنهم الجميع إلا الفقر والقهر والمرض

أيمن وثلاث شقيقات، مأساة حياتية بدأت منذ سنوات، بعد أن توفي والدهم بفشل كلوي لم تلبث أن لحقت به والدتهم، ليقفوا جميعا على أعتاب المجهول، خاصة بعد أن أصابهم أيضا داء السكري، وزاد على ذلك إصابة أيمن بشلل نصفي وعدد آخر من الأمراض بينها أعراض مبدئية للفشل الكلوي الذي أصاب بالفعل شقيقته الكبرى غدير.. هي حقا مأساة، لكنها ليست ككل المآسي، بل زادها الفقر بؤسا وألما، وزادها الأقربون جورا وقهرا.. تفاصيل محزنة تسردها لكم «رؤى» حول رحلة أيمن وشقيقاته مع الفقر والمرض والقهر.
■ سألنا الشقيق أيمن في البداية عن الظروف التي يعاني منها وشقيقاته؟

■■ فأجاب في وهن وألم: ظروفنا صعبة، وكبيرة ومتشعبة، من حيث اختلافها وتعدد فروعها، فنحن أيتام، فقدنا الأب والأم في سنوات محددة ونحن نواجه ظروف الحياة وحدنا، رغم ما يقف أمامنا من ظروف مادية وصحية صعبة، تجعلنا نرزح تحت وطأة المرض والفاقة.

ظروفنا زفت
■ صف لنا ظروفكم بالتحديد؟■■ ظروفنا «زفت»، تتلخص في معاناتنا مع الفقر والمرض أنا وثلاث أخوات، فنحن نعاني جميعا من مرض سكري (وراثي)، كما أنني مصاب بشلل نصفي منذ سنوات، فضلا عن العديد من المتاعب الأخرى كالقولون العصبي وجرثومة المعدة وتقرحات في القدمين، جراء السكري، كذلك لدي أعراض فشل كلوي.. كما أن شقيقتي الكبرى بالإضافة للسكري فهي مصابة بالفشل الكلوي الذي يلزم المداومة على التردد على المستشفى لغسيل كلوي ثلاث مرات أسبوعيا، الأمر الذي يجب توفير سائق بشكل مستمر، لكن من أين؟.. فقد زادت معاناتنا مع سائقي الأجرة خاصة في ظل مغالاتهم المستمرة في الأجرة، وعدم جديتهم فهناك من يحضر في الوقت المحدد وهناك من يتجاهلنا ويعاملنا بقسوة، حتى لو اتفقنا معهم بشكل شهري نجد أنفسنا غير قادرين على تلبية متطلبات المعيشة وسيارة الأجرة وإيجار المنزل وتوفير محاليل (الأنسولين).
لقد تكالبت علينا الظروف من كل حدب وصوب بعد وفاة أبي وأمي، فلا بيت يؤوينا، ولا راتب يكفي لتوفير مصاريف المرض والمعيشة، ولا مواصلات لقضاء حاجاتنا من الخارج، حتى الجيران لا يمدون أيديهم إلينا رغم علم كثير منهم بحاجتنا، ماتت قلوبهم إلا من رحم ربي، حتى أنني فقدت الوعي مرات عدة، فلم يقم أحد من الجيران بمساعدتي لحين وصول عربة الإسعاف، والله يعلم كيف نعيش، تمر علينا أيام لا نجد ما نأكله، لكننا في كل الأحوال نحمد الله على كل حال.
فعلها ومات
■ وكيف تمكنتم من السكن في هذا المنزل؟■■ في الحقيقة بالنسبة للسكن، هناك فاعل خير قام بتوفير هذا السكن لنا وكان يتحمل عنا الإيجار، لكن القدر لم يمهله كثيرا، فقد توفي -رحمة الله- وضاعت معه أحلامنا في المنزل، وأصبحنا نواجه تكاليف الإيجار وحدنا بمقدار 16 ألف ريال في السنة، ويشمل غرفتين وصالة ومطبخا صغيرا وحماما، لكن كما ترى المطبخ مهجور من شهور بسبب صغره، ولا يوجد من يطبخ؛ فشقيقتي الكبرى دائما ما تفقد وعيها في المطبخ بسبب غيبوبة السكري والفشل الكلوي، حتى أنه في أحد الأيام كادت قارورة (الغاز) أن تنفجر في وجهها، فلم نجد سوى هجر المطبخ وانتظار ما يجود به أهل الخير نادرا، وندبر أمورنا بما يتبقى بمبلغ 400 ريال شهريا، فكيف بالله نصرف منه الأنسولين وحفاضات خاصة بي، وأجرة سيارات الأجرة والإبر والمسحات الطبية وخلافها؟
■ كيف تستخدمون مرافق المنزل دون أثاث أو تجهيزات؟■■ كما ترى، الشقة جرداء، لا يوجد بها أي شيء من التجهيزات سوى هذه الكنبة، غير ذلك لن تجد ما يسرك في هذا البيت من أثاث أو تجهيزات يمكن أن نستفيد منها بشكل فعلي.

■ وماذا عن شقيقاتك الصغار في تحمل هذا الوضع بعد وفاة والديكم؟■■ هذا ما يحزنني أكثر، فهن متضررات كثيرا من هذا الوضع، وغير قادرات على تحمل هذه المعيشة، فهن يتنقلن بين البقاء معنا والهروب في أحيان كثيرة من قلة الحيلة إلى العيش مع جدتي بسبب توفر بعض المستلزمات الحياتية أكثر من هنا، على الأقل لا ينقطع عنهم الماء ولا الكهرباء ولقمة العيش مثل ما هو حاصل معي وشقيقتي الكبرى.

استكثروا الراتب
■ وماذا عن دخلكم الشهري من الضمان أو خلافه؟■■ لا يوجد لدينا دخل من الضمان الاجتماعي، ففي النظام طالما هناك راتب تقاعدي لا يحق لنا الحصول على أي مستحق للضمان، نحن لدينا مبلغ شهري يصرف لنا من راتب تقاعدي يخص والدتي في حدود ثلاثة آلاف ريال بعد استقطاع شهري منذ سنوات، لا يمكننا من تصريف أمورنا المرضية والمعيشية ولا حتى لمدة عشرة أيام.
■ وماذا عن أقاربكم؟■■ لدينا أعمام ولدينا خالات وأقارب كثر، لكن كما تعلمون كثر في وقتنا الحاضر من تحجرت قلوبهم وقست حتى على أقرب الأقربين، فخالاتي وأهل والدتي لم يقصروا معنا على قدر استطاعتهم وجدتي لأمي هي الوحيدة التي تباشر حاجتنا في حدود طاقتها، فهي امرأة طاعنة في السن ومصابة بعدة أمراض من سكري وفشل كلوي وغيرها، وهي تصرف على نفسها، ومن بعض ما يفيض لديها تقوم على مساعدتنا حتى في بعض الأحيان تقوم بالاستدانة لتلبية طلباتنا، أما بخصوص أعمامي فقد قست قلوبهم وهم لا يعلمون عنا شيئا على الرغم من أن أحوالهم جيدة، لكنهم تخلوا عنا، وكنا في فترة من الفترات نقيم عندهم وكانوا يستغلوننا بطريقة بشعة لدرجة أن عمي أجبر شقيقتي (غدير) أن تتزوج من ابنه الكبير وتم العقد عليها من أجل أن يعمل زوج أختي وتتحسن ظروفه، وعدنا إلى جدة وسكنا في منزل واحد مع ابن عمي على أساس أن يعمل ويتزوج، وفي أحد الأيام قال لأختي لن أدفع لك المهر، وحاول اغتصابها وخطفها بالسيارة، كل هذا وأنا في المستشفى، فرفعنا عليه قضية طلاق منذ سنتين دون أي نتيجة، كما أن راتب (غدير) قطع بأمر المحكمة لأنها تزوجت ابن عمي، وهو الزواج الذي لم يتم أصلا.
نكابد الفقر والمرض
■ وكيف تصرفون أنفسكم بمبلغ تقاعد والدتك؟
■■ والدي ووالدتي كانا يستدينان خلال حياتهما، ومكثنا وما زلنا نسدد الكثير من الأموال عليهم خصوصا والدي -رحمهما الله-، وما تبقى يتم توزيعه علينا، لكن كما أسلفت فأخواتي الصغار (غدى وروان) لا تستطيعان تحمل هذه العيشة، فتذهبان في أوقات كثيرة للجلوس والمبيت عند جدتي، أما أنا وشقيقتي الكبيرة (غدير) فنكابد صنوف المرض والألم والفقر.
■ وما الحل في نظرك؟■■ لا أعلم، فقد طرقت أبوابا كثيرة ولم أجد حلا لمعاناتنا، هل امتهن الشحاذة؟.. ما العمل لتأمين لقمة العيش لإخوتي، لا أعلم، أتمنى أن أعوضهن شيئا عن ما افتقدنه.. أتمنى أن يشعرن بإحساس مختلف، وأن يرتدين كما ترتدي بنات الناس.
■ أخيرا.. ماذا تقول لأصحاب القلوب الرحيمة؟
■■ أقول لهم: الفقراء والمرضى وذوو الحالات الإنسانية أولى بملايين الريالات التي تصرفونها في مجالات لن تعود عليكم بالأجر والثواب من الله، لذلك أناشدهم وأتوجه إليهم كابن بأن ينظروا في حالنا الصحي والمادي لنعيش بالحد الأدنى من الكرامة في هذه الدنيا، والأقربون أولى بالمعروف، فكلنا بشر وكلنا نأمل فيما يعفنا من مأكل ومشرب، وإذا كان الله قد ابتلانا بالمرض والفقر فإننا نحمد الله على ما رزقنا من قناعة.

المصدر: منتدى الخليج