صباح الخير أيها الضمير !!!

 

صباح الخير أيها الضمير !!!

صباح الخير أيها الضمير

خلال الأسبوع الماضي حملت بعض صحفنا المحلية شيئا من أخبار ما كان يدور في جلسات محاكمة بعض المتهمين
في كارثة سيول جده
فكان من أبرز ما يستوقف الانتباه فيما ذكر، ردود المتهمين الذين وجهت إليهم تهمة الحصول على منح أراض من غير وجه حق، فقد كانت جميع الردود تتضمن أن ما حصلوا عليه من منح أراض هو عطاء مشروع أخذوه وفق النظام الذي يتيح للمواطن الحصول على منحة أرض.
وذلك مثل إفادة المتهم الذي كان يعمل مساعدا لأمانة جدة، حيث نفى حصوله شخصيا على 22 منحة أرض مؤكدا أن المنح كانت تضم زوجته وأبناءه وبعض أقاربه.
وأنها جميعها منح نظامية، فضلا عن أنه لم يكن هو المسؤول الذي منحها!
ومثل ما قاله متهم آخر يحاكم بتهمة الحصول على رشوة في شكل منح أراض، حيث دفع بأن ما حصل عليه لم يكن رشوة وإنما هي منح نظامية أعطيت له وفق النظام.
وكذلك ما دفع به متهم ثالث وجه إليه التساؤل حول وجود اسم طفل لم يزل في المرحلة المتوسطة من ضمن قائمة الممنوحين أراضي، بأنه ليس هو الذي منحه!!
هذه الإفادات من المتهمين، تثير في الذهن تساؤلا ضخما لدى قارىء مثلي بعيد عن تفاصيل هذه القضايا.
من المسؤول الأول عن هذا التلاعب بمنح الأراضي، أهو المانح المتمثل في أمناء المناطق أم الممنوح له؟ ومن الأولى بالتقديم إلى المحاكمة من أعطى بلا وجه حق، أم من قبل العطاء؟
إن إجابات هؤلاء المتهمين تشير إلى وجود شريك آخر له الدور الأكبر في ارتكاب العبث في نظام المنح، هو من وقع على المنح المشبوهة وأجاز تمريرها؟
فأن يمنح طفل في المرحلة المتوسطة أرضا، هي ليست مسؤولية من استلم الأرض ولا من تقدم بالطلب للحصول عليها، وإنما هي مسؤولية من وقع على المنحة وأجاز مرورها.
هناك أطراف أهم من هؤلاء المتهمين، مسؤولون عن هذا الأمر ومن الحق أن يؤتى بهم ليسمع الناس أقوالهم.
من المثالية المفرطة أن تتوقع من الإنسان أن يكون نزيها إلى حد أن يرد عطاء منح له متى وجد أنه لا يستحقه، هذا توقع موغل في الخيال لأن البشر ليس من فطرتهم صفة المثالية.
لذا لا يمكن الركون إلى هذا ولا الوثوق به، ما يركن إليه هو أن يلتزم كل من بيده قرار العطاء بالتقيد بالأمانة والدقة فلا يجيز تمرير أي منحة تفوح منها رائحة الشبهة، سواء كان عالما بالخفايا خلفها، أو غير عالم.
ما حصل عليه هؤلاء المتهمون من منح مشبوهة هو في ظاهره يبدو سليما ومشروعا وقد يكون من الصعب إثبات الجرم عليهم، وليس من البعيد أن ينفذوا بجلودهم من العقوبة، بل ربما ينفذون حتى من مصادرة ما حصلوا عليه من منح.
فهل سيكون ذلك أيضا مصير من مكنهم من الحصول على تلك المنح المشبوهة وذلل لهم الأنظمة لينهبوا ما يشاؤون؟..

المصدر: منتدى الخليج