" يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ،فاستهدوني أهدكم "
يمين الله ملأى سحاء لا يغيضها شيء.
سبحانه وسعت آثار رحمته
أهل الأراضي و سكان السماوات
فمن استهداه هداه ، و من توكل عليه كفاه ،
يقول ابن عمر رضي الله عنهما و أرضاهماكما في صحيح البخاري :
[ إن زيد بن عمرو بن نفيل - و هو ابن عم عمر بن الخطاب
رضي الله عنهما ،
أبو سعيد بن زيد أحدالعشرة المبشرين بالجنةرضي الله عنه -يقول :
إن زيداً هذا خرج إلى الشام يسأل عن الدين
يبحث عن الهداية في وقت فترةٍ من الرسل
- من الشام إلى الموصل إلى الجزيرة ،
فلقي عالماً من علماء اليهود ، فسأله عن دينه ،
فقال : لعلي أن أدين بدينكم، فأخبرني ،
فقال اليهودي : لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله !
قال زيد : ما أفرُّ إلا من غضب الله تعالى ،
و لا أحمل من غضب الله شيئاً أبداَ ، و أنَّى أستطيعه ؟!
قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً ،
قال زيد : و ما الحنيف ؟
قال : دين إبراهيم ، لم يكن يهودياً و لا نصرانياًو لا يعبد إلا الله .
فخرج زيد ، فلقي عالماً من علماء النصارى ،
فقال مثله : أخبرني عن دينكم لعلي أن أدين به .
فقال : لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله.
قال : ما أفرُّ إلا من لعنة الله ،
و لا أحمل من لعنة الله و لا من غضبه شيئاً أبداً ،
و أنًّى أستطيع ؛ فهل تدلني على غيره ؟
قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً ،
قال : و ما الحنيف ؟
قال: دين إبراهيم ، لم يكن يهودياً و لا نصرانياً
و لا يعبد إلا الله .
فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام، خرج و برز ،
و رفع يديه لمولاه ، و قال :
اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم ،
اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم. [
عبد الله !
أن يتجه العبد إلى الله وحده دون سواه ؛
طلبةٌ عزيزة منيعةٌ تحتاج إلى اصطبار ،
و طريقٌ يحتاج إلى مجاهدة
ليخلص القلب من اتباع الهوى إلى حب مولاه :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
[العنكبوت:69]

تتلوها لذةٌ لا يعرفها إلا من ذاق طعمها و عرف حلاوتها ،
لكنها تبقى عزيزةً إلا بمشقة ،
فإذا تجاوزت تلك المشقة، منحتك عطرها ،
فتنسمت عرفها و ريحها و كنت من أهلها ،
فما أنت من أرض الحجون و لا الصفا
و لا لك حظ الشرب من ماء زمزم