سفاراتنا المكائن المعطلة

 

سفاراتنا المكائن المعطلة

يوسف الكويليت
لا نريد أن نكون من دعاة التهويل والمبالغة عندما تضخ مدننا وقرانا مئات الآلاف من مهاجري الأيام القصيرة في السياحة والتجارة، واللقاءات المختلفة في حقول الاقتصاد والمعرفة، أو الذين يذهبون لعدة سنوات للدراسات العليا أو التدريب وغيرها، وأن هذه المجاميع يطغى عليها الطابع المثالي، والتربية العالية بحيث لا تكون إلا لدى القلة بعض التجاوزات لأنظمة الدول التي تستقطب هذه الأعداد..
ضرورة فهم قوانين الدول مهمة الجوازات ومكاتب السياحة والخطوط ووزارة الخارجية وتوابعها من جميع السفارات وكل من له علاقة بالسفر، لكن أن يتعرض بعض أبنائنا للابتزاز أو الاعتداء لغايات مادية، أو توريطهم في مجالات التهريب، أو عصابات دولية تمتهن غسيل الأموال، وتزييف العملات أو التغرير بهم في ميادين الإرهاب، فكل هذه الحالات ضُبط بعضها وأخرى أخذت إدانات وتهم لم تكن حقيقية..
كرامة أي مواطن لا تقف عند ممارساته داخل أرضه التي تفرض الجزاء والعقاب، ويؤلمني عندما يتعرض أي مواطن لأذى في دولة أخرى، ولنفترض أن أمريكياً قتل أو غيّب أو اعتقل من خلال دولة أجنبية، سنجد أن كل أجهزة الأمن القومي، والخارجية، وسفاراتها الأمريكية تعلن حالات الطوارئ بما فيها الضغط المباشر على الدولة الخصم، وهو مدعاة لأن يكون هذا المواطن ممثلاً لكل الدولة العظمى حتى لو كان مجرد عامل أو جندياً في كتيبة صغيرة..
سفاراتنا في الخارج، هل يقتصر تمثيلها فقط «لبروتوكولات« تسلم أوراق الاعتماد وحضور الدعوات لحفلات رسمية مختلفة في الدولة المضيفة وتبقى مسائل خدمات المواطنين وظيفة دونية لا تلقى الاهتمام، والأمثلة- لو أردنا الكشف عنها- كثيرة ومؤلمة، وفي أسوأ الظروف عندما تحدث مشكلة لمواطن في الخارج تكلف السفارة موظفاً بالسكرتارية أو العلاقات العامة يتابع القضية، وإذا تكرم كتب عدة أسطر بأن صاحب القضية يخضع للتحقيق أو الإيقاف، وكأنه مواطن بلا هوية ولا شخصية معنوية تفترض أنظمة دولته تمتعه بالحصانة الكاملة أسوة بالعاملين بجهاز السفارة، ولا أدري ما هو دور ممثلينا بالخارج عما جرى بقضايا العاملات اللاتي تعرضن للاعتداء- إن صح ذلك- أو الظلم بحقوقهن، وكيف قامت وسائل الإعلام ودوائر العمل لمنظمات وغيرها بالاحتجاج والمطالبة بقطع التعاقدات، وهو أمر لا غبار عليه ونحترم هذه الإرادة التي تدافع عن حقوق مواطنيهم، لكن ماذا فعلت سفاراتنا، وهل واجهت المواقف بنفس الكفاءة في نشر الحقائق والدفاع عن بلد لا تعمم عليه مشكلة تجاوزات فردية، أم أنها تعاملت فقط مع سير المعاملات «الروتينية» التي لا تعطي حقاً، ولا تمنع باطلاً؟..

المصدر: منتدى الخليج