| #36 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة الرابعة والثلاثين تكملة حكاية مزين بغداد قالت شهرزاد : بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب قال له : إنك قاتلي في هذا اليوم . فقال : يا سيدي أنا الذي تسميني الناس الصامت لقلة كلامي دون إخوتي لأن أخي الكبير اسمه البقبوق والثاني الهدار والثالث بقبق والرابع اسمه الكوز الأصوني والخامس اسمعها العشار والسادس اسمه شقالق والسابع اسمه الصامت وهو أنا . فلما زاد علي هذا المزين بالكلام رأيت أن مرارتي انفطرت ، وقلت للغلام : أعطه ربع دينار وخله ينصرف عني لوجه الله ، فلا حاجة إلى حلاقة رأسي . فقال المزين حين سمع كلامي مع الغلام : يا مولاي ، ما أظنك تعرف بمنزلتي فإن يدي تقع رأس الملوك والأمراء والوزراء والحكماء والفضلاء ، وفي مثلي قال الشاعر : جميع الصنائع مثل العقود ........ وهذا المزين در السلـوك فيعلو على كل ذي حكـمة ........ وتحت يديه رؤوس الملوك فقلت : دع ما لا يعنيك فقد ضيقت صدري وأشلت خاطري . فقال : أظنك مستعجلاً ? فقلت له : نعم . فقال : تمهل على نفسك ، فإن العجلة من الشيطان وهي تورث الندامة والحرمان وقد قال عليه الصلاة والسلام : خير الأمور ما كان فيه تأن وأنا والله رأبني أمرك فأشتهي أن تعرفني ما الذي أنت مستعجل من أجله ولعله خير فإني أخشى أن يكون شيئاً غير ذلك وقد بقي من الوقت ثلاث ساعات . ثم غضب ورمى الموس من يده وأخذ الاصطرلاب ومضى إلى الشمس ووقف حصة مديدة وعاد وقال : قد بقي لوقت الصلاة ثلاث ساعات لا تزيد ولا تنقص . فقلت له : بالله عليك ، اسكت عني فقد فتت كبدي . فأخذ الموس وسنه كما فعل أولاً وحلق بعض رأسي وقال : أنا مهموم من عجلتك فلو أطلعتني على سببها لكان خيراً لك لأنك تعلم أن والدك ما كان يفعل شيئاً إلا بمشورتي . فلما علمت أن مالي منه خلاص قلت في نفسي قد جاء وقت الصلاة وأريد أن أمضي قبل أن تخرج الناس من الصلاة فإن تأخرت ساعة لا أدري أين السبيل إلى الدخول إليها فقلت : أوجز ودع عنك هذا الكلام والفضول فإني أريد أن أمضي إلى دعوة عند أصحابي . فلما سمع ذكر الدعوة قال : يومك يوم مبارك علي لقد كنت البارحة حلفت علي جماعة من أصدقائي ونسيت أن أجهز لهم شيئاً يأكلونه وفي هذه الساعة تذكرت ذلك وافضيحتاه منهم . فقلت له : لا تهتم بهذا الأمر بعد تعريفك أنني اليوم في دعوة فكل ما في داري من طعام وشراب لك إن أنجزت أمري ، وعجلت حلاقة رأسي . فقال : جزاك الله خيراً صف لي ما عندك لأضيافي حتى أعرفه ? فقلت : عندي خمسة أوان من الطعام وعشر دجاجات محمرات وخروف مشوي . فقال : أحضرها لي حتى أنظرها . فأحضرت له جميع ذلك فلما عاينه ، قال : بقي لله درك ما كرم نفسك لكن بقي الشراب . فقلت له : عندي . قال : أحضره . فأحضرته له ، قال : لله درك ما أكرم نفسك لكن بقي البخور الطيب . فأحضرت له درجاً فيه نداً وعوداً وعنبر ومسك يساوي خمسين ديناراً وكان الوقت قد ضاق حتى صار مثل صدري فقلت له : خذ هذا واحلق لي جميع رأسي بحياة محمد . فقال المزين : والله ما آخذه حتى أرى جميع ما فيه . فأمرت الغلام ففتح له الدرج فرمى المزين الصطرلاب من يده وجلس على الأرض يقلب الطيب والبخور والعود الذي في الدرج حتى كادت روحي أن تفارق جسمي ثم تقدم وأخذ الموسى وحلق من رأسه شيئاً يسيراً وقال : والله يا ولدي ما أدري كيف أشكرك وأشكر والدك لأن دعوتي اليوم كلها من بعض فضلك وإحسانك وليس عندي من يستحق ذلك وإنما عندي زيتون الحمامي وصليع الفسخاني وعوكل الفوال وعكرشة البقال ، وحميد الزبال وعكارش اللبان ، ولكل هؤلاء رقصة يرقصها . فضحكت عن قلب مشحون بالغيظ وقلت له : أقض شغلي وأسير أنا في أمان الله تعالى وتمضي أنت إلى أصحابك فإنهم منتظرون قدومك . فقال : ما طلبت إلا أن أعاشك بهؤلاء القوام فإنهم من أولاد الناس الذين ما فيهم فضولي ولو رأيتهم مرة واحدة لتركت جميع أصحابك . فقلت : نعم الله سرورك بهم ولا بد أن أحضرهم عندي يوماً . وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح . إلى اللقاء مع الليله القادمه
|
|||||||||
| #37 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة الخامسة والثلاثين تكملة حكاية مزين بغداد قالت شهرزاد : بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للمزين لا بد أن أحضر أصحابك عند يوماً فقال له : إذا أردت ذلك وقدمت دعوى أصحابك في هذا اليوم فاصبر حتى أمضي بهذا الإكرام الذي أكرمتني به وأدعه عند أصحابي يأكلون ويشربون ولا ينتظرون ، ثم أعود إليك وأمضي معك إلى أصدقائك فليس بيني وبين أصدقائي حشمة تمنعني عن تركهم والعود إليك عاجلاً ، وأمضي معك أينما توجهت . فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم امضي أنا إلى أصدقائي وأكون معهم في هذا اليوم فإنهم ينتظرون قدومي . فقال المزين : لأدعك تمضي وحدك . فقلت له : إن الموضع الذي أمضي إليه لا يقدر أحد أن يدخل فيه غيري . فقال : أظنك اليوم في ميعاد واحد وإلا كنت تأخذني معك وأنا أحق من جميع الناس وأساعدك على ما تريد فإني أخاف أن تدخل على امرأة أجنبية فتروح روحك فإن هذه مدينة بغداد لا يقدم أحد أن يعمل فيها شيئاً من هذه الأشياء لا سيما في مثل هذا اليوم وهذا ولي بغداد صار عظيم . فقلت : ويلك يا شيخ الشر أي شيء هذا الكلام الذي تقابلني به . فسكت سكوتا طويلاً وأدركنا وقت الصلاة وجاء وقت الخطبة وقد فرغ من حلق رأسي . فقلت له : أمضي إلى أصحابك بهذا الطعام والشراب وأنا أنتظرك حتى تمضي معي . ولم أزل أخادعه لعله يمضي ، فقال لي : إنك تخادعني وتمضي وحدك وترمي نفسك في مصيبة لا خلاص لك منها ، فبالله لا تبرح حتى أعود إليك وأمضي معك حتى أعلم ما يتم من أمرك ، فقلت له : نعم لا تبطئ علي . فأخذ ما عطيته من الطعام والشراب وغيره وأخرج من عندي فسلمه إلى الحمال ليوصله إلى منزله وأخفى نفسه في بعض الأزقة ثم قمت من ساعتي وقد أعلنوا على المنارات بسلام الجمعة فلبست ثيابي وخرجت وحدي وأتيت إلى الزقاق ووقعت على البيت الذي رأيت فيه تلك الصبية وإذا بالمزين خلفي ولا أعلم به فوجدت الباب مفتوحاً فدخلت وإذا بصاحب الدار عاد إلى منزله من الصلاة ودخل القاعة وغلق الباب ، فقلت من أين أعلم هذا الشيطان بي ? فاتفق في هذه الساعة ، لأمر يريده الله من هتك ستري أن صاحب الدار أذنبت جارية عنده فضربها فصاحت فدخل عنده عبد ليخلصها فضربه فصاح الآخر فاعتقد المزين أنه يضربني فصاح ومزق أثوابه وجثا التراب على رأسه وصار يصرخ ويستغيث والناس حوله وهو يقول : قتل سيدي في بيت القاضي . ثم مضى إلى داري وهو يصيح والناس خلفه وأعلم أهل بيتي وغلماني فما دريت إلا وهم قد أقبلوا يصيحون واسيداه كل هذا والمزين قدامهم وهو يمزق الثياب والناس معهم ولم يزالوا يصرخون وهو في أوائلهم يصرخ وهم يقولوا واقتيلاه وقد أقبلوا نحو الدار التي أنا فيها فلما سمع القاضي ذلك عظم عليه الأمر وقام وفتح الباب فرأى جمعاً عظيماً فبهت وقال : يا قوم ما القصة ? فقال له الغلمان : إنك قتلت سيدنا . فقال : يا قوم وما الذي فعله سيدكم حتى أقتله . وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح . إلى اللقاء مع الليله القادمه
|
|||||||||
| #38 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة السادسة والثلاثين
|
|||||||||
| #39 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة السابعة والثلاثين قالت شهرزاد : بلغني أيها الملك السعيد أن المزين قال : لما السياف ضرب رقاب العشرة وبقيت أنا فالتفت الخليفة فرآني فقال للسياف : ما بالك لا تضرب رقاب جميع العشرة ? فقال : ضربت رقاب العشرة كلهم . فقال له الخليفة : ما أظنك ضربت رقاب غير تسعة وهذا الذي بين يدي هو العاشر . فقال السياف : وحق نعمتك أنهم عشرة . عدوهم فإذا هم عشرة فنظر إلي الخليفة وقال : ما حملك على سكوتك في هذا الوقت وكيف صرت مع أصحاب الدم ? فلما سمعت خطاب أمير المؤمنين قلت له : اعلم يا أمير المؤمنين أني أنا الشيخ الصامت وعندي من الحكمة شيء أكثر وأما رزانة عقلي وجودة فهمي وقلة كلامي فإنها لا نهاية لها وصنعتي الزيانة فلما كان أمس بكرة النهار ، نظرت هؤلاء العشرة قاصدين الزورق فاختلت بهم ونزلت معهم وظننت أنهم في عزومة فما كان غير ساعة وإذا هم أصحاب جرائم فحضرت إليهم الأعوان ووضعوا في رقابهم الأغلال ووضعوا في رقبتي غلاً من جملتهم ، فمن فرط مروءتي سكت ولم أتكلم بين يديك فأمرت بضرب رقاب العشرة وبقيت أنا بين يدي السياف ولم أعرفكم بنفسي ، أما هذه مروءة عظيمة وقد أحوجتني إلى أن أشاركهم في القتل لكن طول دهري هكذا أفعل الجميل . فلما سمع الخليفة كلامي وعلم أني كثيرة المروءة قليل الكلام ما عندي فضول كما يزعم هذا الشاب الذي خلصته من الأهوال قال الخليفة : وأخوتك الستة مثلك فيهم الحكمة والعلم وقلة الكلام ؟ قلت : لا عاشوا ولا بقوا إن كانوا مثلي ولكن ذممتني يا أمير المؤمنين ولا ينبغي لك أن تقرن أخوتي بي لأنهم من كثرة كلامهم وقلة مروءتهم كل واحد منهم بعاهة ففيهم واحد أعرج وواحد أعور واحد أفكح وواحد أعمى وواحد مقطوع الأذنين والأنف وواحد مقطوع الشفتين وواحد أحول العينين ، ولا تحسب يا أمير المؤمنين أني كثير الكلام ولا بد أن أبين لك أني أعظم مروءة منهم ولكل واحد منهم حكاية اتفقت له حتى صار فيه عاهة ، وإن شئت أن أحكي لك فاعلم يا أمير المؤمنين أن الأول وهو الأعرج كان صنعته الخياطة ببغداد ، فكان يخيط في دكان استأجرها من رجل كثير المال وكان ذلك الرجل ساكناً في الدكان وكان في أسفل دار الرجل طاحون ، فبينما أخي الأعرج جالس في الدكان ذات يوم إذ رفع رأسه فرأى امرأة كالبدر الطالع في روشن الدار وهي تنظر الناس فلما رآها أخي تعلق قلبه بحبها وصار يومه ذلك ينظر إلهيا وترك اشتغاله بالخياطة إلى وقت المساء ، فلما كان وقت الصباح فتح دكانه وقعد يخيط وهو كلما غرز غرزة ينظر إلى الروشن فمكث على ذلك مدة لم يخيط شيئاً يساوي درهماً ، فاتفق أن صاحب الدار جاء إلى أخي يوماً من الأيام ومعه قماش وقال له : فصل لي هذا وخيطه أقمصة . فقال أخي : سمعاً وطاعة . ولم يزل يفصل حتى فصل عشرين قميصاً إلى وقت العشاء وهو لم يذق طعاماً ، ثم قال له : كم أجرة ذلك ? فلم يتكلم أخي فأشارت إليه الصبية بعينها أن لا يأخذ منه شيئاً وكان محتاجاً إلى الفلس واستمر ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلا القليل بسبب اجتهاده في تلك الخياطة ، فلما فرغ من الخياطة التي لهم أتى إليهم بالأقمصة وكانت الصبية قد عرفت زوجها بحال أخي وأخي لا يعلم ذلك واتفقت هي وزوجها على استعمال أخي في الخياطة بلا أجرة بل يضحكون عليه فلما فرغ أخي من جميع أشغالهما عملا عليه حيلة وزوجاه بجاريتهما وليلة أراد أن يدخل عليها قالا له : أبت الليلة في الطاحون وإلى الغد يكون خيراً . فاعتقد أخي أن لهما قصداً بريئاً فبات في الطاحون وحده وراح زوج الصبية يغمز الطحان عليه ليدوره في الطاحون فدخل عليه الطحان في نصف الليل وجعل يقول : أن هذا الثور بطال مع أن القمح كثير وأصحاب الطحين يطلبونه فأنا أعلقه في الطاحون حتى يخلص طحين القمح ، فعلقه في الطاحون إلى قرب الصبح . فجاء صاحب الدار ، فرأى أخي معلقاً في الطاحون والطحان يضربه بالسوط فتركه ومضى وبعد ذلك جاءت الجارية التي عقد عليها وكان مجيئها في بكرة النهار فحلته من الطاحون وقالت : قد شق علي وعلى سيدتي ما جرى لك وقد حملنا همك . فلم يكن له لسان يرد جواباً من شدة الضرب ، ثم أن أخي رجع إلى منزله وإذا بالشيخ الذي كتب الكتاب قد جاء وسلم عليه وقال له : حياك الله زواجك مبارك أنت بت الليلة في النعيم والدلال والعناق من العشاء إلى الصباح . فقال له أخي : لا سلم الله الكاذب يا ألف قواد ، والله ما جئت إلا لأطحن في موضع الثور إلى الصباح . فقال له : حدثني بحديثك . فحدثه أخي بما وقع له فقال له : ما وافق نجمك نجمها ولكن إذا شئت أن أغير لك عقد العقد أغيره لك بأحسن منه لأجل أن يوافق نجمك نجمها . فقال له : انظر إن بقي لك حيلة أخرى . وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح . إلى اللقاء مع الليله القادمه
|
|||||||||
| #40 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة الثامنة والثلاثين
|
|||||||||
| #41 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة التاسعة والثلاثين
|
|||||||||
| #42 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
الليلة الأربعين
|
|||||||||