۩ نفحــــــة يوم الجمعة(39) ۩
د . هانى ضرغام
"لو أنَّ رجلاً ثقة أخبرك بأنَّ ابنك - مثلاً-مريضٌ ،
و أنه قد حُمل إلى المستشفى ، فماذا تفعل ؟
إن قلتَ لذلك الرجل :
أنت صادق ولقد صدَّقتك في إخبارِك ،
ثم بقيتَ كما أنت لم تغير جلسةً أو وضعًا ،
و لم تحاول الاطمئنان على ابنِك فأنت مصدِّق ،
لكن تصديقَك هذا بارد جامد لا خيرَ فيه ،
و لا نفع لك و لا لغيرك ،

و إن قلت للرجل : أنت صادقٌ و لقد صدقتك
ثم خرجتَ فورًا بلهفةٍ و اهتمام بارزين على كيانك ،
و سارعت إلى المستشفى
وما هي إلاَّ لحظات حتى تكون فوق رأسِ ابنك لتطمئن عليه ،
فأنت مصدِّق ولكن تصديقَك هو الحي والمعتبر
و النَّافع و الحار ،
فهما تصديقان إذًا
و شتَّان بينهما ،
و هكذا الإيمان .
إنَّ الإيمانَ الذي يريدُه الله
هو الإيمان الحي الفاعل ،
هو الإيمان المؤثر النَّامي ،
هو الإيمانُ القائد الموجه ؛
الإيمان الذي ينفعُ صاحبَه ،
هو الإيمان الذي يُغرس في قلبِه فينمو و يزدهر
و ينير و يضيء ،
و يزين هذا القلب بزينته
و يملؤه في كلِّ جوانبِه و زواياه ،
الإيمان الذي يمد أغصانَه و فروعه
على كيانِ هذا المؤمن و وجوده ،
و يلقي ظلالَه على حياته و واقعه ،
و يعطي ثمارَه له في ليلِه و نهاره ،
الإيمان المعتبرهوالذي يبعثُ على الحركةِ
و الهمة ،و النشاطِ و السعي ،
و الجهدِ و المجاهدة ، و الجهادِ و التربية ،
و الإستعلاء و العزة ، و الثبات واليقين .
إخوتي في الله :
"إنَّ الإيمانَ في حقيقتِه
ليس مجرد عملٍ لساني ،
و لا عمل بدني ، و لا عملٍ ذهني ،
إنَّ الإيمان في حقيقتِه عملٌ نفسي
يبلغ أغوارَ النفس ،و يحيط بجوانبها كلِّها ؛
من إدراك ، و إرادة ، و وجدان ،
فلا بدَّ من إدراكٍ ذهني تنكشف به حقائقُ الوجودِ
على ما هي عليه في الواقع ،
وهذا الانكشافُ لا يتم إلا عن طريقِ الوحي الإلهي المعصوم ،
و لا بد أن يبلغَ هذا الإدراكُ العقلي حدَّ الجزم الموقن
و اليقين الجازم الذي لا يزلزله شكٌّ و لا شبهة ؛
قال تعالى :
[ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا]
من بريدي
|