اشترى شبابها فأضاعت مستقبله

 

اشترى شبابها فأضاعت مستقبله

كيف حدث هذا معه، وكيف انتهت سنوات غربته الطويلة في السجن وهو الذي قضى زهرة شبابه في العمل بجد حتى سار نحو الشيخوخة بخطوات أسرع من أقرانه.
لم يعد يستطيع التركيز في كل مايقال داخل قاعة المحكمة، فصور السنوات الماضية تقفز لتحتل مخيلته وتسرق تركيزه. قبل سنوات قليلة وبعد أن جاوز الخمسين من عمره أفزعه في ذات صباح ذلك الوجه الذي صفع ناظريه في المرآة..
لقد ملأ الشيب رأسه، وغطت التجاعيد التي حفرتها سنوات الغربة وجهه، صحيح أن الغربة منحته المال الكثير وأصبح وضعه في العمل أفضل كثيراً، ولكنه نسي في سبيل ذلك حياته الخاصة، وقد مر من أمامه سريعا قطار الزواج وليس له وريث من صلبه.
هذه الأفكار أصبحت أكثر ثقلاً عندما وصل إلى قريته ورأى رفاقه قد أصبحوا آباء، بل بعضهم صار جداً وهو لم يزل وحيداً في هذه الحياة، وهناك رآها بين حقول قريته، كانت أجمل فتاة رآها، وكانت فقيرة كما كان عندما اختار الغربة طريقاً لحياته..
استفاق من ذكرياته على صوتها وهي تقول للقاضي إن والدها سامحه الله هو الذي أجبرها على الزواج منه رغم فرق العمر بينهما، فصاح صوت في داخله أن هذا كذب، لقد وافقت بمحض إرادتها.. هي من أراد هذه الصفقة.. كانت تريد أن تخرج من الفقر وباعت شبابها له كما باع هو شبابه للغربة قبل سنوات تزيد عن عمرها.
وبعد أن تمت الصفقة التي أرادتها كما أرادها، جاء بها إلى أبوظبي واتخذ لها منزلاً لم تكن تحلم أن تقيم بمثله، وأغرقها بالهدايا والمشاعر، ربما لكي ينسيها فرق العمر بينهما، ولكن يبدو أنها لم تنس، خاصة وقد ظهر أمامها من يماثلها شباباً وجمالاً، ابن عمه الذي احتضنه في قلبه كما في بيته، واعتبره في منزلة ابنه الذي لم ينجبه، فكان أن وضع النار بجانب الزيت فاحترقا وأحرقاه.
شهور طويلة قضاها وهو يتقلب على نار الشك، تلك النظرات بين الاثنين، وأشياء أخرى يشعر بها دون أن يراها، وكم من مرة أنب نفسه على تلك الشكوك، ولكن الأمر كان أكثر من واضح، ولم يجد بداً من مواجهة الأمر، وأعد لذلك مايلزم..
بعد أشهر طويلة من التلظي بنار الغيرة اشترى سكيناً حاداً بما يكفي لتقتل شاباً قوياً دون مقاومة، فهو لايستطيع وكهولته أن يكون نداً له في مواجهة مباشرة..
وفي صباح ذلك اليوم ارتدى ملابسه وأخبرها بأنه خارج للعمل كعادته، ثم وقف قريباً من المنزل ينتظر أن يأتي الآخر الذي يحتل منزله وحضن زوجته في غيابه، وبعد أكثر من ساعة عاد مسرعاً إليها وفتح الباب بسرعة متوجهاً إلى غرفة النوم، وعندما فتح الباب ألجمته المفاجأة، فمن كان هناك ليس ابن عمه بل آخر لايعرفه، والأكثر غرابة أن ذلك الشاب صار يصيح أنه ليس المقصود وأنه يأتيها لأول مرة وأن الآخر هو من يأتيها كل يوم.
كانت لحظة صراع غريبة، السكين في يده وقد شهرها إلى أعلى، ورجل في فراش زوجته أمامه، ولكنه ليس ابن عمه الذي عرف أنه يخونه وهو مصمم على قتله، والآن لا يعرف ما يفعل بهذا الآخر، فعاد إليه عقله في لحظة وقام بضربه بمقبض السكين على رأسه بدل من نصلها ولم يتركه إلا وقد سقط أرضاً.
ها هو الآن في المحكمة يواجه تهمة الشروع في القتل، بينما تواجه هي وذلك الشاب تهمة هتك العرض بالرضا والخلوة غير الشرعية وتحسين المعصية، بعد أن أنكرا الزنا الذي لايثبت إلا بشروط خاصة، أو باعتراف المتهمين لأربع مرات أمام المحكمة.
وبناء عليه حكمت المحكمة على كل من المتهمين الثلاثة بالسجن ستة أشهر مع الإبعاد عن الدولة بعد إدانة كل منهم بالتهم الموجهة إليه

المصدر: منتدى الخليج