منذ /11-21-2011, 03:27 AM
#1
|
|
رقم العضوية :
10814
|
|
تاريخ التسجيل :
Aug 2011
|
|
الجنس
:
أنثى
|
|
الدولة :
none
|
|
مجموع المشاركات :
12,063
|
النقاط :
|
|
تقييم المستوى :
10
|
|
قوة التقييم :
2414
|
|
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " أوصني "
فردّد و قال : ( لا تغضب ) رواه البخاري .
الـشــرح
خلق الله تعالى آدم عليه السلام من تراب الأرض بجميع أنواعه - الأبيض منها والأسود ، والطيب والرديء ، والقاسي واللين
فنشأت نفوس ذرّيته متباينة الطباع ، مختلفة المشارب ، فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها
ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس ، إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه ، وما يعينه في تهذيب نفسه وتزكيتها .

فها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتسابقون إليه كي يغنموا منه الكلمه الجامعه ، والتوجيه الرشيد
وكان منهم أبو الدرداء رضي الله عنه - كما جاء في بعض الروايات - أقبل بنفس متعطشه إلى المربي العظيم
يسأله وصيه تجمع له أسباب الخير في الدنيا والآخره ، فما زاد النبي صلى الله عليه وسلم على أن قال له :
( لا تغضب ) .
وبهذه الكلمه الموجزه ، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم ، فالغضب جماع الشر ، ومصدر كل بليّه
فكم مُزّقت به من صِلات ، وقُطعت به أرحام ، وأُشعلت به نار العداوات ، وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم .
إنه غليان في القلب ، وهيجان في المشاعر ، يسري في النفس ، فترى صاحبه محمر الوجه ، تقدح عينيه الشرر ، فبعد أن كان هادئاً متّزناً ، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كليةً عن تلك الصوره الهادئه ، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد .

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء : ( اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ) رواه أحمد
فإن الغضب إذا اعترى العبد ، فإنه قد يمنعه من قول الحق أو قبوله ، وقد شدّد السلف الصالح رضوان الله عليهم في التحذير من هذا الخلق المشين
فها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول :
" أول الغضب جنون ، وآخره ندم، وربما كان العطب في الغضب "
ويقول عروة بن الزبير رضي الله عنهما :
" مكتوبٌ في الحِكم : يا داود إياك وشدة الغضب ؛ فإن شدة الغضب مفسده لفؤاد الحكيم "
وأُثر عن أحد الحكماء أنه قال لابنه :
"يا بني ، لا يثبت العقل عند الغضب ، كما لا تثبت روح الحي في التنانير المسجورة، فأقل الناس غضباً أعقلهم "
وقال آخر :
" ما تكلمت في غضبي قط ، بما أندم عليه إذا رضيت "

ومن الصفات التي امتدح الله بها عباده المؤمنين في كتابه ، ما جاء في قوله تعالى :
{ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } ( آل عمران : 134 )
فهذه الآيه تشير إلى أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة مراتب :
فمنهم من يكظم غيظه ، ويوقفه عند حده ، ومنهم من يعفو عمّن أساء إليه ، ومنهم من يرتقي به سمو خلقه إلى أن يقابل إساءة الغير بالإحسان إليه .

وهذا يقودنا إلى سؤال مهم :
ما هي الوسائل التي تحد من الغضب ، وتعين العبد على التحكم بنفسه في تلك الحال ؟
لقد بينت الشريعة العلاج النافع لذلك من خلال عدة نصوص
وهي تتلخص فيما يأتي :
أولاً : اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، فالنفوس بيد الله تعالى ، وهو المعين على تزكيتها
يقول الله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } ( غافر : 60 ) .
ثانياً : التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب
يقول الله تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله } ( فصلت : 36 )
وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين يستبّان ، فأحدهما احمرّ وجهه ، وانتفخت أوداجه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إني لأعلم كلمةٌ ، لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان ، ذهب عنه ما يجد )
وعلى الغاضب أن يُكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار ؛ فإن ذلك يعينه على طمأنينة القلب وذهاب فورة الغضب .
ثالثاً : التطلع إلى ما عند الله تعالى من الأجور العظيمه التي أعدّها لمن كظم غيظه
فمن ذلك ما رواه أبو داود بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق ، حتى يخيّره من أي الحور شاء ) .
رابعاً : الإمساك عن الكلام ، ويغيّر من هيئته التي عليها ، بأن يقعد إذا كان واقفاً ، ويضطجع إذا كان جالساً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) رواه أبو داود .
خامساً : الابتعاد عن كل ما يسبب الغضب ، والتفكر فيما يؤدي إليه.
سادساً : تدريب النفس على الهدوء والسكينه في معالجة القضايا والمشاكل ، في شتى شؤون الدنيا والدين .
في أمــان الله

|

|
|
|
|