|
نُبذَّة عَنْ الكِتَّآبْ
الكتاب من الحجم المتوسط, يتألف من 680 صفحة, تعود الترجمة لصالح علماني, اما النشر فهو لدار المدى, طبعت من الكتاب نسختان الاولى سنة 2005. و الثانية سنة 2007.
لعل اكثر ما افتقده في الكتب العربية و المترجمة للعربية على حد سواء, الغلاف الجميل و الملفت, غلاف كتاب ” عشت لأروي” كان جميلا و ملفتا, يتألف من لونين الاحمر و الاخضر, الخط ابيض و في الغلاف الامامي كانت صورة بالابيض و الاسود لماركيز, يحثت عن اسم المصمم فوجدته .. خالد سليمان .. شكرا يا خالد سليمان على هذا التصميم الجميل.
في ” عشت لأروي” كان غابرييل يتحدث عن حياته و ذكرياته منذ الصغر و حتى انضمامه للجريدة و سفره الى اوروبا, و عند الحديث عن الذكريات تتجلى الثقافة التي اتى منها المتحدث, غابرييل غارسيا ماركيز.. لم تكن حياته سهلة ابدا, و لم تكن مشرفة ابدا, اؤمن انها لو كانت لكاتب عربي شرقي, لما تحدث عنها البتة, و لكن هذا لا يمنع انها كتبت بأسلوب سلس لرواي محترف.
لعل اكثر ما لفتني, ان الحديث كان يدور في فترة, خمسينات و ستينات القرن المنصرم, الا ان هناك القطارات و الطائرات, الصحف و السياسة, مجتمع مدني متحضر, فترة افلام الابيض و الاسود, لم اتوقع ذلك !!
اذا كنت قد قرأت ” مائة عام من العزلة” فأنت بحاجة لأن تقرأ ” عشت لأروي”, و ان كنت قد قرأت ” عشت لأروي ” و لم تقرأ ” مائة عام من العزلة”, عندها يجب ان تقرأ ” مائة عام من العزلة”, هاذان الكتابات يجب ان يقرأا معا بأعتقادي لأن كلا منهما يكمل الآخر, او يفسره.
من خلال الكتاب نستشف الشخصيات, فشخصيات كثيرة واقعية, وجدت في حياة الكاتب, استطاع استخدامها و توظيفها في رواياته-مائة عام من العزلة على وجه الخصوص- بالشكل الذي يناسب الجو العام لها.
وَمِمَآ قَالوا
النيل والفرات:
“يقولون أنه يمكن لك، إذا ما صممت، أن تصير كاتباً جيداً. لم أكن قد سمعت مثل ذلك الكلام، من قبل، في الأسرة قط. فميولي منذ الطفولة، كانت تتيح الافتراض بأنني قد أصير رساماً، موسيقياً، مغنياً في الكنيسة، أو شاعراً جوالاً في أيام الآحاد. وكنت قد اكتشفت ميلاً معروفاً لدى الجميع، إلى أسلوب في الكتابة، أقرب إلى التلوي والرقة الأثيرية. ولكن ردّ فعلي في هذه المرة، كان أقرب إلى المفاجأة. فقد أجبت أمي: إذا كان علي أن أصير كاتباً، فلا بد لي من أن أكون أحد الكبار. وهؤلاء لا يصنعونهم، وهناك في نهاية المطاف مهن أفضل كثيراً إذا ما كانت أرغب في الموت جوعاً. في إحدى تلك الأمسيات، وبدلاً من أن تتبادل الحديث معي، بكت دون دموع. لو أن ذلك حدث اليوم لأثار هلعي، لأنني أقدر البكاء المكبوح كدواء ناجح ومؤكد تلجأ إليه النساء القويات لفرض نواياهن. ولكنني في الثامنة عشرة من عمري، لم أدر ما أقول لأمي، فأحبط صمتي دموعها، وقالت عندئذ: حسن جداً، عاهدني على الأقل أن تنهي الثانوية، على أفضل وجه ممكن، وأنا سأتولى ترتيب ما تبقى مع أبيك”.
غابرييل ماركيز ذلك الاستثناء في الأدب يمسك بتلك اللحظات التي مرت هاربة خلال عمره الطويل فيؤرخ لحياته الحافلة بالغرائب والإنجازات، فهو لم يكن يتوقع النجاح في تلك السن المبكرة عندما كان طالباً في السنة الأولى من كلية الحقوق، لكن عبقريته تفتحت في هذه السن المبكرة لتؤذن بنجاحات أخرى ستشكل علامات بارزة في مسيرته الأدبية والفكرية.
وكما هي حياة الأديب مليئة بالمعاناة والصدفة لم تكن حياة ماركيز لتشذ عن هذا المنحى حتى أن قراءاته كانت تعتمد في أحيان كثيرة على الكتب التي يوفرها الحظ والمصادفات تعتمد على خطي أكثر من اعتمادها على مصادفاتي لقد شكلت المحادثات الأدبية التي كانت تجري في مقهى الطاحونة بين الشعراء الكبار زاداً وفيراً استفاد منه الأديب الناشئ وخصوصاً تلك الجلسات التي يتحدث فيها ليون دي غريف البوي اعتاد أن يبدأ مسامراته الأدبية عند الغروب مع الأسماء الكبيرة في عالم الفنون والآداب.
وقد كان “المسخ” لفرانز كافكا عاملاً مهماً في توجيه مسار حياته الجديدة لتسفر قراءتها عن معاناة طويلة تؤدي في النهاية إلى ولادة قصة التي نشرت في جريدة الاسبيكتادور “الاستسلام الثالث”، ومن سخرية القدر أن الكاتب لم يكن يملك خمسة سنتات لشراء الصحيفة، كانت تلك القصة تجسد القدرة الساحقة للكلمة المطبوعة عكست قدرة الكاتب على الولوج في عوالم لا متناهية من السحر والإبداع.
إن غارسيا الذي عرفه العالم العربي من خلال أعماله الأدبية ذات النكهة الخاصة ما زال يتوق إلى عوالمه السحرية الغريبة التي رسمها في “مئة عام من العزلة” التي نال الكاتب جائزة نوبل عنها، وها هو غابرييل مركيز وبأسلوب لا يقل روعة وسحر عن أسلوبه المعتاد يواصل إثارة الأعمال الساكنة في نفوس قراءة، فهو كما يقول عاش ليروي .
|
مِمَا وَرِد فيِّ الرِوَآيَّة
ص12.. لقد كان الحر غير معقول, و لاسيما خلال القيلولة, الى حد ان الكبار يشكون منه كما لو انه مفاجأة جديدة في كل يوم. كنت اسمع منذ مولدي, بأستمرار و دون هوادة, ان خط سكة الحديد و معسكرات اليونايتد فروت كومباني بنيت في الليل, لأنه من المستحيل امساك المعدات المعدنية المسخنة تحت الشمس.
ص563.. لسوء الحظ انه لم يكن بمقدور الذكاء, و لا الصمود, و لا الحب, ان تهزم الفقر.
ص138.. كان كل شيء جاهزا من اجل قدوم امي و اخواتي السعيد, عندما وصلتنا برقية تحمل خبر موت الجد نيكولاس ماركيز, لقد اصيب بأعتلال مفاجيء في حنجرته, جرى تشخيصه على انه سرطان في آخر مراحله. و لم يكن يتسع الوقت لأكثر من اخذه الى سانتا مارتا ليموت هناك. و الوحيد منا الذي رآه الجد, هو اخي غوستافو…
ص638 .. في تلك الايام بالذات, و دون أي علاقة بالمسابقة, جاءني الى المكتب دون صامويل ليزمان باوم, الملحق الثقافي بسفارة اسرائيل, و كان قد افتتح للتو, مؤسسة للنشر بأصداره كتاب اشعار للمعلم ليون دي غريف :” اوراق الدفتر الخامس المختلطة”. كانت الطبعة حسنة المظهر, و الاخبار عن ليزمان باوم جيدة. و هكذا قدمت اليه نسخة مرقعة جدا من ” عاصفة الاوراق”, و صرفته طيرانا مع الوعد بأن نتحدث في ما بعد,,
مُنعت من التدخين بسبب النزلة الصدرية , ولكنني كنت أدخن في الحمام , كما لو أنني أختبيء من نفسي ."
مَنْ يُريِدُ مًصَآفَحَة غَآبريِيل يَأَتيِّ لِهَذَّا الشَآرِع
*
*
*
مِنْ بَنو الكِرَآمْ ! |

|